khaoula Admin
عدد المساهمات : 75 تاريخ التسجيل : 29/04/2009 العمر : 29 الموقع : https://s-khaoula.forumperso.com
| موضوع: يا ترى ما هي مهام الشيطان؟ الأحد مايو 24, 2009 7:59 pm | |
| خلق الله هذه الدنيا دارًا للابتلاء، فوفر فيها كل شروط الابتلاء وكل أدواته. ولعل من أهم شروط الابتلاء تلك الظروف المعاكسة والأحوال المعيشية الصعبة إلى جانب المصائب ووضعيات الرخاء والرفاهية الزائدة. أما أهم أدواته فهي الميول والغرائز وأثمان ما يفرضه البدن من حاجات ومتطلبات، بالإضافة إلى وجود نفس توسوس، وشيطان يزين المعصية، ويصرف عن الطاعة، ويستغل نقاط الضعف. وعلى مدار التاريخ كان الوعي بالشيطان بوصفه ذاتًا شريرة وسيئة أوضح من الوعي بوساوس النفس. حيث إنه يشكل ذاتًا منفصلة ومبلورة، وليست الوساوس كذلك. حين هبط أبونا آدم وأمنا حواء من الجنة لم يهبطا وحدهما، وإنما هبط معهما إبليس أيضًا، وكان في ذلك إشارة واضحة إلى الجدلية التي ستسود في هذه الحياة: جدلية الصراع بين الحق والباطل والخير والشر، وما يجوز وما لا يجوز. وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في مواضع عدة، منها قوله - سبحانه -: }فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين|(1).
إن التدين الحق ينشئ لدى صاحبه (عضلة أخلاقية) اعتدنا تسميتها (الضمير) أو (الوازع الداخلي). وهذه العضلة هي التي تصارع الشيطان، وتقدم للوعي الشخصي الكثير من التحذير من خطورة الانسياق وراء وساوس الشيطان. ولهذا فإن الشيطان يُبدي الكثير من الارتياح، ويحقق الكثير من النجاح في مهماته الشريرة حين يخفت صوت الضمير، أو يمنحه صاحبه إجازة مفتوحة. وهذا يعني أن على المربين والمصلحين أن يتعلموا كيف يوفرون الشروط والظروف التي توقظ الضمائر، وتؤسس لدرجة عالية من الحساسية ضد الخطأ والشر والمنكر.
إن في إمكاننا أن نقول: إن الشيطان يستخدم في عمله عين الأسلوب الذي يستخدمه (السوس) الذي ينخر في أسنان البشر. إن السوس يفضل العمل في (مقاتل الأسنان) وهي المواضع التي لا يصل إليها السواك، ولا تصل إليها الفرشاة. وهكذا الشيطان يلعب على نقاط ضعفنا وغرائزنا، ويستغل معاناتنا والثغرات الموجودة في حياتنا كي يحصل على ما يحب الوصول إليه. إن طموحاته واسعة وحركته دائبة وشاملة، والأبواب التي يدخل منها علينا تفوق الحصر والعد. ونلمس الإشارة إلى هذا فيما حكاه الله تعالى عن إبليس: }قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم. ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثر شاكرين|(2).
إن هناك من النصوص ما يدل صراحة على أن البشر من خلال أخطائهم الشخصية ومن خلال ما يظهرونه من قابلية للغواية والانقياد يقدمون الأرضية التي يقف عليها الشيطان وقت وسوسته لهم. إنهم يوفرون له رأس الجسر الذي سيعبر عليه متسللاً إلى أعماقهم وأعمالهم. وهذا واضح في عدد من الآيات منها قوله سبحانه }إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم|(3). وقد حكى لنا القرآن الكريم جهود إبليس في التنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقه حين قال: }قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد|(4). ولهذا قال أحدهم: «إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، وإن جزاء السيئة السيئة بعدها». وهذا يعني أن على الناس أن يوجهوا اللوم لأنفسهم عوضًا عن لوم إبليس، وأن يحموا أنفسهم من شروره من خلال المجاهدة والاستقامة، وأن يجعلوا من ملازمة الآداب والسنن خط الدفاع الأول عن الفرائض والواجبات، كما أن عليهم أن يجعلوا بينهم وبين الوقوع في الكبائر والمعاصي واقيًا منيعًا، يتمثل في تجنب الشبهات والمكروهات، وما هو موضع خلاف ونزاع، حيث إن الشيطان لا يحاول الوسوسة لشخص يقوم الليل بترك صلاة الفريضة، كما لا يوسوس لمن يتورع عن عمل شيء مختلف في جوازه بعمل شيء متفق على حرمته.
وأود الآن أن أذكر نماذج من المهمات التي يقوم بها إبليس في إضلال البشر، وذلك عبر المفردات الآتية:
- إن المهمة الأولى التي ندب الشيطان نفسه لها، هي خديعة أبينا آدم وأمنا حواء حين حلف لهما أن الله تعالى ما نهاهما عن الأكل من الشجرة إلا من أجل حرمانهما من أن يكونا ملكين أو من أجل حرمانهما من نيل الخلد والمكوث الأبدي في الجنة: }فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين|(5). وقال سبحانه في موضع آخر: }فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى|(6). قد رأى إبليس النعمة العظمى التي كان يتقلب فيها آدم وحواء في الجنة، فما كان منه إلا أن حسدهما، وأخذ يفكر في سلبهما تلك النعمة، وقد أدرك نقطة الضعف الكبرى لدى الإنسان، وهي حبه الخلود والبقاء السرمدي. وخوفه من الموت وما بعده. إن الإنسان يفعل كل ما في وسعه من أجل التشبث بهذه الحياة والبقاء فيها أطول مدة ممكنة مع الاعتراف بأن النهاية لجميع البشر هي مغادرة هذه الحياة إلى العالم الأخروي. ويبدو أن الغفلة وسوء الفهم يزيدان في ارتفاع وتيرة هذا التعلق، وإلا فإن المتوقع من أهل الإيمان أن يكون لهم موقف مختلف، حيث إن ما نعتقده في هذا الشأن هو أن المسلم إذا أدى ما افترضه الله تعالى عليه، وانتهى عما نهاه عنه لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت؛ أي أن الحياة التي يتفانى الناس بالاستمساك بها هي الحائل الوحيد بينه صالحيهم وبين دخول الجنة!
حين تتعلق غرائزنا بشيء، ويصبح الحصول عليه محورًا من محاور تفكيرنا فإن من السهل علينا قبول المساومة وقبول التنازل؛ وهذا ما جرى لأبينا وأمنا، فإنهما على الرغم من تحذير الله لهما من الأكل من الشجرة، فإنهما استجابا لإغراء إبليس؛ ولذا فإن القرآن الكريم يذكرنا بضرورة أخذ العبرة مما حصل، حيث قال سبحانه: }يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون|(7).
.
| |
|
khaoula Admin
عدد المساهمات : 75 تاريخ التسجيل : 29/04/2009 العمر : 29 الموقع : https://s-khaoula.forumperso.com
| |